ولم يكن بنو النضير ذمة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولم يكن كعب في عهد لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يوضحه إعلانه بأنه آذى الله ورسوله على رءوس الناس، وكيف يكون في عهد من شكوا منه الأذى، بل كان ممتنعًا بقومه في حصنه، وكان المسلمون يقنعون منه بالقعود عن حربهم، وإنما كانت بينهم مسالمة وموافقة للجيرة، وكان - عليه السلام - يمسك عنهم لإمساكهم عنه من غير عهد ولا عقد، ولو كان لكعب عهد انتقض بالأذى ووجب عليه، ولكان بقول: "مَنْ لكعب، فإنه قد آذى الله ورسوله" نابذًا إليه عهده ومسقطًا بذلك ذمته، ولو كان من أهل العهد والذمة لوجب حربه واغتياله بكل وجه، فمن لام الشارع على ذلك فقد كذَّب الله في قوله: {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ (54)} [الذاريات: 54] ووصف رسوله بما لا يحل له بما نزهه الله عنه والله ولي الانتقام منه وسيكون لنا عودة إليه -إن شاء الله- في الجهاد، ولم يجز أن يرهن عند ابن الأشرف سلاح ولا شيء مما يتقوى به على أذى المسلمين وليس قولهم له: نرهنك اللأمة بما يدل على جواز رهن السلاح عند الحربي، وإنما كان ذلك من معاريض الكلام المباحة في الحرب وغيره.
قال السهيلي في قوله: "من لكعب بن الأشرف .. " إلى آخره جواز قتل من سبه وإن كان ذا عهد خلافًا لأبي حنيفة، فإنه لا يرى قتل الذمي في مثل هذا (?).
وزعم المازري أنه إنما قتله؛ لأنه نقض العهد وكان عاهده أنه لا يعين عليه، ثم جاءه مع أهل الحرب وأغرى قريشًا وغيرهم حتى اجتمعوا بأحد (?).