والجواب عن حديث الباب أن البيت الذي كان فيه سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيته والظاهر أن ما فيه له، وكذا بيت المُهْدِية، أي: لا على وجه الغرامة، ولو سلم أن القصعتين للمرأتين لم يكن فيه حجة إذا اتفق الجاني والمجني عليه على الرضا بهما، وإنما يجب ما قلناه عن القيمة إذا أباه أحدهما، ويحتمل أن يكون - عليه السلام - رأى ذلك سدادًا بينهما فرضيتاه، فالحديث لا يتناول موضع الخلاف، ويحتمل أن يكون أخذ القصعة من بيتها عقوبة، والعقوبة بالأموال كانت مشروعة. وزعم المنذري أن ذلك من باب المعونة والإصلاح دون بن الحكم بوجوب المثل، فإن القصعة والطعام ليس لهما مثل معلوم، وقد أسلفنا هذا.
ومن تعدى على قصعة فكسرها أو ثوبًا فقطعه، فإن كان يسيرًا أصلحه وغرم ما بين قيمته صحيحًا ومَرْفُوًّا. وإن كان كبيرًا، فاختلف قول مالك؛ فقال مرة: يغرم ما نقصه مثل الأول. وقال أخرى: هو مخير بين أن يضمنه جميع قيمته أو ما نقصت قيمته، ولم يختلف قول مالك إذا أراد ربُّه أخذَه وما نقص له أن ذلك له. وقال أشهب ومطرف وابن الماجشون: إن قدر على غرامة قيمته، فليس له أخذه وما نقصه.
تنبيهات:
أحدها: لما استدل ابن حزم بحديث القصعة، قال: هذا قضاء بالمثل لا بالدراهم، قال: وقد روي عن عثمان بن عفان وابن مسعود أنهما قضيا فيمن استهلك فصلانًا بفصلان مثلها (?)، وشبهه داود بجزاء الصيد في العبد العبد، وفي العصفور العصفور.