قالوا: ولا يقضى بالقيمة إلا عند عدم المثل، واحتجوا بحديث الباب، ألا ترى أنه - عليه السلام - ضمن القصعة بقصعة، وذهب مالك إلى أن من استهلك شيئًا من العروض أو الحيوان، فعليه قيمته يوم استهلاكه والقيمة أعدل في ذلك، واحتج بأنه - عليه السلام - قضى فيمن أعتق شركًا له في عبد بقيمة حصة شريكه دون حصته من عبد مثله، لأن ضبط المثل بالقيمة أخص منه في الخلقة. والمثل لا يوصل إليه إلا بالاجتهاد كما أن القيمة تدرك بالاجتهاد وقسمة العدل في الصنعة مثل. وقد ناقض العراقيون في قوله تعالى: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة: 95] وقالوا: القيمة مثل في هذا الموضع، واتفق مالك والكوفيون والشافعي وأبو ثور فيمن استهلك ذهبًا أو ورقًا أو طعامًا مكيلًا أو موزونًا أن عليه مثل ما استهلك في صفته ووزنه وكيله. قال مالك: وفرق بين الذهب والفضة والطعام وبين الحيوان والعروض العمل المعمول عليه (?). قال ابن المنذر: ولا أعلم في هذِه المسألة خلافًا (?).
وقال ابن التين: احتج بهذا الحديث من قال: يقضي في العروض بالأمثال. وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي، ورواية عن مالك، وعنه كل ما صنعه الآدميون غرم مثله كالثوب وبناء الحائط والصناعة ونحو ذلك، وكل ما كان من صنع الله كالعبد والدابة، ففيه القيمة والمشهور من مذهبه أن كل ما ليس بمكيل ولا موزون ففيه القيمة، وما كان مكيلًا أو موزونًا فيقضى بمثله.