قال غيره: ويحتمل أن يكون الرجل يغبن بما لا تنفك التجارة منه، فجعل له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخيار ثلاثًا ليستدرك الغبن في مدة الخيار ولو أوجبت الضرورة الحجر عليه لفعل. ألا ترى أنه قد شعر لما يمكر به فسأله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وليس من شكى مثل هذا مضيعًا لماله وإنما هو حريص على ضبطه والنظر فيه، فخصه - عليه السلام - أن جعل له إذا بايع أن يقول: لا خلابة أي: لا تخدعوني فإن خديعتي لا تحل. قال الطحاوي: ولم أجد عن أحد من الصحابة والتابعين أنه قال: لا حجر كما قال أبو حنيفة إلا عن النخعي وابن سيرين (?).
وأما عقوق الأمهات اقتصاره عليه لا أن عقوق الآباء غير محرم ولكنه دلَّ بأحدهما عن الآخر.
واختلف العلماء في تقديم حق الأبوين فوقف مالك في ذلك، وذُكر عنه أن رجلًا قال له: أبي في بلاد السودان وكتب إليَّ أبي: أن اقْدم؛ وأمي تمنعني، فقال له: أطع أباك ولا تعص أمك. وذكر أن الليث
أمره بطاعة الأم؛ لأن لها ثلثي البر (?).
وقال الخطابي: برُّها مقدم في باب النهي وبر الأب مقدم في الطاعة وحسن البياعة لرأيه والنفوذ لأمره (?)، وأصل العقوق القطع من قولهم: عقَّ الشيء: قطعه فكأن العاق لأمه قطع ما بينه وبينها من أصل الرحم. وقيل: أصل العق: الشق، يقال: شق ثوبه وعقه.