قال: ففي هذا الحديث وقوف النبي - صلى الله عليه وسلم - على أنه كان يغبن في البيوع، فلم يمنعه من التصرف ولا حَجَرَ عليه (?).
وحجة الجماعة الآية التي ذكرها البخاري وهي قوله تعالى: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِيَامًا} [النساء: 5] فنهى عن دفع الأموال إلى السفهاء، وقال تعالى: {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء: 6] فجعل شرط دفع أموالهم إليهم وجود الرشد، وهذِه الآية محكمة غير منسوخة، ومن كان مبذرًا لماله فهو غير رشيد. وقوله تعالى: {أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ} [هود: 87]. وقال تعالى: {أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ (128)} [الشعراء: 128] فخبر -عز وجل- أن أنبياء منعوا قومهم من إضاعة الأموال والعبث، والأنبياء لا تأمر إلا بأمر الله.
واحتجوا بحديث المغيرة: "إن الله كره لكم قيل وقال وإضاعة المال" (?) وما كره الله لنا فمحرم علينا فعله، وقوله: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ المُفْسِدِينَ} [يونس: 81]، {وَاللهُ لَا يُحِبُّ الفَسَادَ} [البقرة: 205]. فالمبذر لماله داخل في النهي ممنوع منه.
واحتج الطحاوي على أبي حنيفة، فقال: لما قال له - عليه السلام -: "إذا بايعت فقل: لا خلابة" أي: لا شيء عليَّ من خلابتك إياي، جعل بيوعه معتبرة، فإن كان فيها خلابة لم يجز وليس في هذا الحديث دفع الحجر إنما فيه اعتبار عقود المحجور عليه (?).