ومن له أقل منزلة من العلم أن موضع أبي موسى من الإسلام ومكانه من الفقه والدين أجل من أن يرد خبره ويقبل خبر الضحاك وحمل، وكلاهما لا يقاس به في حال، وقد قَالَ له عمر في "الموطأ": إني لم أتهمك، كما سلف. فدل ذَلِكَ عَلَى اعتمادٍ كان من عمر في ذَلِكَ الوقت، الله أعلم به.

وقد يحتمل أن عمر عنده في ذَلِكَ الحين من ليست له صحبة من أهل العراق أو الشام، ولم يتمكن الإيمان من قلوبهم؛ لقرب عهدهم به، فخشي عليهم أن يختلقوا الكذب عَلَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند الرغبة أو الرهبة أو طلبًا للحجة، لقلة علمهم، فأراد عمر أن يريهم أن من فعل شيئًا ينكر عليه ففزع إلى الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ليثبت له بذلك فعله وجب التثبت فيما جاء به إذا لم يعرف حاله حَتَّى يصح قوله، فأراهم عمر ذَلِكَ ووافق أبو موسى، وإن كان عنده معروفًا بالعدالة غير متهم؛ ليكون ذَلِكَ أصلًا عنه لهم، وللحاكم أن يجتهد ما أمكنه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015