وقد روي في حديث عقبة بن عامر ما يدل أن أخته كانت غير قادرة على المشي فلذلك لم يأمرها - عليه السلام - بالهدي، روى الطبري من حديث محمد بن أبي يحيى الأسلمي: حَدَّثَني إسحاق بن سالم، عن عقبة بن عامر: أن أخته نذرت أن تمشي إلى الكعبة وهي امرأة ثقيلة والمشي يشق عليها، فذكر ذَلِكَ عقبة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "إن الله لا يصنع بشقاء أختك شيئًا، مرها فلتركب" (?). فصح التأويل أنها نذرت، وهي في حال من لا ترجى له القدرة على الوفاء بما نذرت كأبي إسرائيل.
والعلماء مجمعون على سقوط المشي عمن لا يقدر عليه فسقوط الهدي أحرى، وإن كان مالك يستحب الهدي لمن عجز عن المشي.
قال الطحاوي: ونظرنا في قول من قال: ليس الماشي في حرمة إحرام، فرأينا الحج فيه الطواف والوقوف بعرفة وجمع، وكان الطواف منه ما يفعله الرجل في حال من إحرامه، وهو طواف الزيارة، ومنه ما يفعله بعد أن يحل من إحرامه، وهو طواف الصدر، وكان ذَلِكَ من أسباب الحج قد أريد أن يفعله الرجل ماشيًا، وكان إن فعله راكبًا مقصرًا، وجعل - عليه السلام - هذا إذا فعله من غير علة فإن فعله من علة فالناس مختلفون في ذَلِكَ، قال أبو حنيفة وصاحباه: لا شيء عليه، وقال غيرهم: عليه دم؛ وهو النظر عندنا؛ لأن العلل إنما تسقط الآثام في انتهاك الحرمات ولا تسقط الكفارات كحلق الرأس في الإحرام (?)، إن حلقه من غير عذر يسقط الإثم والكفارة، فإن اضطر إلى حلقه فعليه الكفارة ولا إثم عليه، وكذلك المشي الذي قبل