-والله أعلم- أن إبراهيم أعلن حرمتها، وعلم أنها حرام بإخباره، فكأنه حرمها؛ إذ لم يعرف تحريمها إلا في زمانه على لسانه، كما أضاف الله تعالى توفي الأنفس مرة إليه (?)، ومرة إلى ملك الموت بقوله: {قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ المَوْتِ} [السجدة: 11] ومرة إلى أعوانه بقوله: {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ المَلَائِكَةُ} [النحل: 28] وجائز أن يضاف الشيء إلى من له فيه سبب، ويحتمل أن يكون إبراهيم منع من الصيد بمكة والقتال فيها وشبه ذَلِكَ، وإني أمنع مثل ذَلِكَ بالمدينة، والتحريم في كلام العرب: المنع، قال تعالى: {وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ المَرَاضِعَ} [القصص: 12] أي: منعناه قبول المراضع، وحديث مالك عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة يرفعه: "اللهم إن إبراهيَم دعاك لمكة" (?)، وهذا أولى من رواية: "حرم مكة" (?)، وقوله: "أحلت لي ساعة من نهار" (?)، لم يرد الساعة المعروفة والمراد: القليل من الوقت والزمان، وأنه كان بعض النهار ولم تكن يومًا تامًا وليلة، "وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس" (?)، يدل على أن الساعة التي أحل له فيها القتال لم تكن أكثر من يوم (?).
وكان ابن شهاب يقول: لا بأس أن يدخل مكة بغير إحرام (?)،