يقطعها مع أول حصاة يرميها من جمرة العقبة، إلا أحمد وإسحاق: فإنه يقطعها عندهما إذا رمى الجمرة بأسرها عَلَى ظاهر الحديث (?). وروي عن علي: أنه كان يلبي في الحج، فإذا زاغت الشمس من يوم عرفة قطعها (?).

قَالَ مالك: وذلك الأمر الذي لم يزل عليه أهل العلم ببلدنا (?). وقال ابن شهاب: وفعل ذَلِكَ الأئمة أبو بكر وعمر وعثمان وعائشة وابن المسيب.

وذكر ابن المنذر عن سعد مثله، وذكر أيضًا عن مكحول. وكان ابن الزبير يقول: أفضل الدعاء يوم عرفة التكبير، وروي معناه عن جابر.

احتج ابن القصار لمالك وأهل المدينة فقال في حديث ابن عباس وأسامة: لو فعل هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، عَلَى أنه المستحب عنده لم يخالفه الصحابة بعده، فيحتمل أنه أراد أن لا يقطع التلبية عند زوال الشمس؛ لأن الناس كانوا يتلاحقون به يوم عرفة، وليلة النحر إلى طلوع الفجر، وهو آخر الوقت الذي به يدرك عرفة، حَتَّى لا يبقى أحد إلا سمع تلبيته؛ لأنه صاحب الشرع، فأعلمهم أنها تجوز إلى هذا الوقت، ويكون المستحب لنا عند الزوال بعرفة؛ لما قد تقرر من اختيار الصحابة له، وهم الذين أمرنا بالاقتداء بهم؛ لأنهم المتلقون للسنن، والمفسرون لها، فوجب اتباع سبيلهم واختيار ما اختاروه والرغبة فيما رغبوا عنه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015