وروي عن ابن عباس أنه قَالَ: هو يوم عرفة (?). وقاله طاوس (?) ومجاهد (?)، وقال ابن سيرين: الحج الأكبر: العام الذي حج فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اتفق فيه جميع الملل (?)، وأراد - صلى الله عليه وسلم - أن ينظف البيت من المشركين والعراة، ويكون حجه له عَلَى نظافة من هذين الطائفتين، فبعث الصديق أولًا وأردفه بعلي يؤذن ببراءة، ثم حج.
وقد اختلف الناس في حجة أبي بكر هذِه إن كانت حجة الإسلام بعد نزول فرضه، وإن كانت عَلَى حج الجاهلية ومواسمها، والذي يعطيه النظرُ الأولَ؛ لأن وقوفه كان بعرفة مع الناس كافة، وإنما كان الحمس -وهم قريش- يقفون بالمشعر الحرام، فلمَّا خالف أبو بكر العادة لقريش وأخرجهم من الحرم إلى عرفات، دل أنه إنما وقف بأمره، وأنه - صلى الله عليه وسلم - امتثل قوله: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (199)} [البقرة: 199] يعني: العربَ كافة، وقوله تعالى هذا هو متقدم بفرض الحج، ووصف لشرائعه كلها، فثبت بهذا ما ذكرناه مع أنه أيضًا حج في ذي الحجة، وكانت العرب لا تتوخى بحجها إلا ما كانت عليه من النسيء، يحلونه عامًا ويحرمونه عامًا آخر، وقد اختلف الناس في الحج هل هو عَلَى الفور أم لا؟ كما سلف في أول الحج.