القول، فإنه - عليه السلام - حين أمرهم بالحل وإصابة النساء بين لهم أن [أمره] (?) إياهم بإصابة النساء ليس على العموم ولا بيانه ذلك؛ لكانت إصابتهم للنساء واجبة عليهم، وكذلك بين لهم نهيه النساء عن اتباع الجنائز أنه لم يكن نهي عزم ولا تحريم [ولولا] (?) بيانه ذلك لفهم من النهي بمجرده التحريم، وكذلك بين لهم أيضًا أن أمره لهم بالصلاة قبل المغرب وأمره لهم بالقيام عن القراءة عند الاختلاف، "هلموا أكتب لكم كتابًا لن تضلوا بعد". ليس على الوجوب؛ لأنه - عليه السلام - أمرهم بالائتلاف علي ما دل عليه القرآن، وحذرهم الفرقة فإذا حدثت شبهة توجب المنازعة أمرهم بالقيام عن الاختلاف، ولم يأمرهم بترك قراءة القرآن إذا اختلفوا في تأويله؛ لإجماع الأمة علي قراءة القرآن لمن فهمه ولمن لم يفهمه، فدل أن قوله: "قوموا عنه" على وجه الندب لا على وجه التحريم للقراءة عند الاختلاف.
وكذلك رأي عمر - رضي الله عنه - في ترك كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين غلبه الوجع من أجل تقدم العلم عنده وعند جماعة المؤمنين أن الدين قد أكمله الله، وأن الأمة قد اكتفت بذلك ولا يجوز أن يتوهم أن هناك شيئا بقي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تبليغه فلم يبلغه؛ لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ} [المائدة: 67]، ولقوله: {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ (54)} [الذاريات: 54]، وقد أنبأنا الله تعالى أنه أكمل الدين فقال: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}.
وإذا ثبت هذا بأن أن قوله: "هلم أكتب لكم كتابًا لن تضلوا بعده". محمول علي ما أشار به عمر - رضي الله عنه - من أنه قول من قد غلبه الوجع واشتغل