ما عدا الشرك. وقد قال بعض السلف: فالذين يعرفهم ويحال بينه وبينهم إنهم هم المرتدون، وقد أسلفناه عن الأزهري أيضًا (?)، واستدل على ذلك بقوله: "يا رب أصحابي فيقال: ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى". كما سلف في باب: الحوض، في آخر الرقاق (?).
فصل:
كان سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستعيذ بالله من الفتن ومن شرها، ويتخوف من وقوعها؛ لأنها تذهب بالدين وتتلفه، وفي الآية إرشاد إلى أن الفتنة إذا عمت هلك الكل، وذلك عند ظهور المعاصي وانتشار المنكر، وقد سألت زينب - رضي الله عنها - رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. عن هذا المعنى فقالت: يا رسول الله، أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: "نعم إذا كثر الخبث" (?). وسيأتي قريبا (?)، وهو بفتح الخاء المعجمة ثم باء موحدة ثم مثلثة، ونهلك -بكسر اللام وحكي فتحها- وفسر العلماء الخبث بأولاد الزنا، وزعم ابن قتيبة (?): أنه الفسوق والفجور، والعرب تدعو الزنا خبثًا وخبثة. وفي الحديث: أن رجلاً وجد مع امرأة يخبث بها (?). أي: يزني. قال تعالى: {الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ} [النور: 26] فإذا ظهرت المعاصي ولم تغير وجب على المؤمنين المنكرين لها بقلوبهم هجران تلك البلدة والهرب منها، فإن لم يفعلوا فقد تعرضوا للهلاك إلا أن الهلاك