الإبل عشرين ففيها أربع شياه فإن وهبها قبل الحول أو باعها؛ فرارًا أو احتيالًا لإسقاط الزكاة فلا شيء عليه، وكذلك إذا أتلفها فماتت، فلا شيء عليه في ماله.
الشرح:
حاصل ما حكاه البخاري عن أبي حنيفة -وهو المراد ببعض الناس- ثلاثة أقوال في الفرار من الزكاة، وذلك أن أبا حنيفة قال: إن نوى بتفويته الفرار من الزكاة قبل الحول بيوم، لم تضره النية (?)؛ لأن ذلك لا يلزمه إلا بتمام الحول، ولا يتوجه إليه معنى قوله - عليه السلام -: "خشية الصدقة" إلا حينئذٍ.
وقد قام الإجماع على جواز التصرف في حلول الحول بالبيع والهبة والذبح، إذا لم ينو الفرار من الزكاة، وقام الإجماع أيضًا على أنه إذا حال الحول، وأطل الساعي أنه لا يحل التحيل للنقصان في أن يفرق بين مجتمع أو يجمع بين متفرق. وقال مالك: إذا فرق من ماله شيئًا ينوي به الفرار من الزكاة قبل الحول بشهر أو نحوه، لزمته الزكاة حين الحول آخذًا بقوله: "خشية الصدقة" (?).
وقصد البخاري في الباب أن يعرفك أن كل حيلة يتحيل بها أحد في إسقاط الزكاة فإن إثم ذلك عليه؛ لأنه - عليه السلام - لما منع من الجمع والتفريق خشية الصدقة فُهم منه هذا المعنى، وفهم من قوله: "أفلح إن صدق" أنه من رام أن ينقص شيئًا من فرائض الله بحيلة يحتالها لا يفلح ولا يقوم له بذلك عذر عند الله.