وجه الدلالة: أنه لو كان فيه قصاص لبينه، وهذِه المسألة إجماعية؛ لأن الكوفيين لا يرون القصاص في اللطمة ولا الأدب، إلا أن يجرحه ففيه الأرش.
وفيه: جواز رفع المسلم إلى السلطان بشكوى الكافر به.
وفيه: خلقه - عليه السلام - وما جبله الله عليه من التواضع وحسن الأدب في قوله: "لا تخيروا بين الأنبياء" وفي الرواية الثانية "لا تخيروني من بين الأنبياء"، وذلك كقول الصديق: وليتكم ولست بخيركم (?).
وقد سلف الكلام على هذا الحديث وما قد يعارضه والجمع بينها في أبواب الإشخاص والملازمة، أحسنها أنه من باب التواضع.
وقيل: أن يعلم أنه خيرهم، فينبغي لأهل الفضل الاقتداء بالشارع والصديق وغيرهما، فإن التواضع من أخلاق الأنبياء والصالحين، وروى ابن أبي شيبة من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعًا: "من أحب أن ينظر إلى تواضع عيسى ابن مريم فلينظر إلى أبي ذر" (?).
وفيه: أن العرش جسم، وأنه ليس العلم، كما قاله سعيد (?) بن جبير، لقوله: "فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش" والقائمة لا تكون إلا جسمًا، ومما يؤيد هذا قوله تعالى: {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ} [الحاقة: 17] ومحال أن يكون المحمول غير جسم، لأنه لو كان روحانيًّا لم يكن في حمل الملائكة الثمانية له عجب، ولا في حمل واحد، فلما عجب الله تعالى من حمل الثمانية له علمنا أنه جسم؛ لأن العجب في حمل الثمانية للعرش لعظمته وإحاطته.