عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194] فجعل تعالى لولي المقتول أن يقتل بمثل ما قتل به وليه، وتأولوا قوله: "لا قود إلا بحديدة" على تقدير صحته، وأنى له ذلك، يعني: إذا قتل بها، بدليل حديث أنس - رضي الله عنه -.
فإن قيل: حديث الباب لا حجة فيه؛ لأن المرأة كانت حية، والقود لا يجب في حي، قيل: إنما قتله الشارع بعد موته، لأن في الحديث أنه - عليه السلام - قال لها: "فلان قتلك؟ " على أنها ماتت ساعتئذ؛ لأنها سيقت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهي تجود بنفسها ولم تقدر على النطق، فلما ماتت استقيد لها من اليهودي بالحجر، فكان ذلك سنة لا يجوز خلافها.
واختلف قول مالك: إن لم يمت من ضربة واحدة بعصى أو بحجر، ففي رواية ابن وهب أنه يضرب بالعصى حتى يموت، ولا يطول عليه، وبه قال ابن القاسم، وفي رواية أشهب وابن نافع: أنه يقتل بما قتل به إذا كانت الضربة مجهزة، فأما أن يضربه ضربات فلا، وليقتله بالسيف: قال أشهب: إن رأى أنه إن زيد ضربتين مات، وإلا أجهز عليه بالسيف.
وفي "المصنف": أن رجلاً خنق صبيًّا فكتب عمر بن عبد العزيز بقتله، وكذا قاله إبراهيم، وقال عامر: إذا خنقه فلم يرفع عنه حتى قتله فهو قود، وإذا رفع عنه، ثم مات فدية مغلظة. وقال الحكم: عليه دية مغلظة، وقال حماد: هو خطأ (?).
قال ابن المنذر: وقول كثير من أهل العلم في الرجل يخنق الرجل: عليه القود، وخالف ذلك محمد بن الحسن فقال في الخنق (وطرح) (?) في بئر، أوألقاه من جبل أو سطح: لم يكن عليه قصاص وكان على