وقوله: {فَإِذَا أُحْصِنَّ} قرئ بضم الهمزة أي زوجن وبفتحها، وفيه قولان: أحدهما: أسلمن، وهو قول ابن مسعود وعلي وابن عمر وأنس والنخعي، وذكر عن عمر والشعبي، وبه قال مالك والليث والأوزاعي والكوفيون والشافعي فيما حكاه ابن بطال (?) وغيره، وسواء كانت عندهم متزوجة أم لا (أنها لا تحد) (?) إذا زنت. قال بعض الناس: إن أحصنا رجما كالأحرار. وقال داود: يجلد العبد مائة والأمة خمسين نصف جلد الحرة؛ لأنه لا يقول بالقياس.
ثانيهما: التزويج، وهو قول ابن عباس وطاوس وقتادة، وبه قال أبو عبيد، فإذا زنت ولا زوج لها أدبت، ولا حد عليها. وقال الزهري: تحد إذا زنت وهي متزوجة بالكتاب، وتحد إذا لم تتزوج بالسنة، والاختيار عند أهل النظر {أُحْصِنَّ} بالضم, لأنه قد سلف ذكر إسلامهن في قوله {الْمُؤْمِنَاتِ} وفي"علل ابن الجوزي" عن ابن عباس مرفوعًا: "ليس على الأمة حد حتى تحصن" (?).
ثم قال: الصحيح. وقال إسماعيل في الأول بُعد لسبقه الإيمان، فيبعد أن يقال: {مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} فإذا آمن. ويجوز في كلام الناس على بعده في التكرير، وأما القرآن فنزل على أحسن الوجوه وأبينها، والقول الثاني يرده حديث أبي هريرة الآتي. قال: فالأمر عندنا أنها إذا زنت وهي محصنة مجلودة بالكتاب، وإن زنت قبل أن تحصن فبالسنة، وإنما استوى فيها الإحصان وغيره؛ لأنها جعل عليها إذا زنت نصف ما على الحرائر من العذاب، وكان عذاب الحرائر في