الخبر المروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الذي يدخل الجنة آخر من يدخلها، فيقال له: إن لك مثل الدنيا وعشرة أمثالها فيقول للفرح الذي يدخله فيقول: يا رب، أنت عبدي (?) وأنا ربك مرتين، قالوا: فهذا القول لو قاله على فهم منه بما يقول كان كفرًا، وإنما لم يكن منه كفرًا؛ لأنه قاله وقد استخفه الفرح من بدائه أن يقول: أنت ربي وأنا عبدك، فلم يكن مأخوذًا بما قال من ذلك، ويشهد لصحة هذا المعنى قوله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب: 5] وسيأتي مذهب الأشعري في باب قوله تعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللهِ} [الفتح: 15] من كتاب الاعتصام (?) فهو حديث أكثر الناس فيه القول، وادعت المعتزلة أنه إنما غفر له من أجل توبته التي تابها، فوجب على الله قبولها عقلاً، ومذهب أهل السنة أن الرب لا يجب لعبده عليه شيء، وإنما هو من باب التفضل والإحسان. والشيخ أبو الحسن الأشعري يقطع بقبول التوبة سمعًا، ومن سواه من أهل السنة يجوزه كسائر الطاعات، وعلى هذا يجوز الغفران بفضله عليه بقبول توبته. وقال قوم: غفر له بأصل توحيده الذي لا يضر معه معصية، وعُزي إلى المرجئة.

فصل:

قوله: ("فذروني") أي: فرقوني وهو بضم الذال ثلاثي متعد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015