ووضوؤه - صلى الله عليه وسلم - مرتين وثلاثا هو من باب الرفق بأمته والتوسعة عليهم؛ ليكون لمن قصر في المرة الواحدة من عموم غسل أعضاء الوضوء أن يستدرك ذَلِكَ في المرة الثانية والثالثة.
ومن أكمل أعضاءه أولا، فالثانية سنة والثالثة فضيلة، وكأن تنويع وضوئه - صلى الله عليه وسلم - من باب التخيير، كما ورد التخيير في كفارة الأيمان.
قَالَ البخاري رحمه الله: (وَلَمْ يَزِدْ عَلَى الثَلَاث) هو كما قَالَ، بل روى ابن خزيمة في "صحيحه" من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قَالَ: جاء أعرابي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يسأله عن الوضوء، فأراه ثلاثًا ثلاثا.
ثمَّ قَالَ: "هذا الوضوء، فمن زاد عَلَى هذا فقد أساء وتعدى وظلم" (?).
ثمَّ قَالَ: لم يوصل هذا الخبر غير الأشجعي ويعلى (?).
وزعم أبو داود في كتاب "التفرد" أنه من مفردات أهل الطائف، ورواه ابن ماجه في "سننه" كذلك (?)، ورواه أحمد في "مسنده" (?)، والنسائي في "سننه" بلفظ: "فقد أساء وتعدى وظلم" (?) ورواه أبو داود في "سننه" بلفظ: "أو نقص فقد أساء وظلم" أو "ظلم وأساء" (?).
قَالَ البخاري رحمه الله: (وَكَرِهَ أَهْلُ العِلْمِ الإِسْرَافَ فِيهِ، وَأَنْ يُجَاوِزُوا فِعْلَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -). هذا من البخاري إشارة إلى نقل الإجماع