لا يستجاب للأنبياء إلا دعوة واحدة، وقد أجيبت لسيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعوات بأسانيد ثابتة كما سلف، ومنها دعاؤه على المشركين بسبع كسبع يوسف (?)، ودعاؤه على صناديد قريش المعاندين له فقتلوا يوم بدر (?)، وغير ذلك مما يكثر إحصاؤه مما أجيب من دعائه، بل لم يبلغنا أنه ردَّ من دعائه إلا سؤاله ألا يجعل (الله تعالى) (?) بأس أمته بينهم خاصة كما سلف؛ لما سبق في أم الكتاب من كون ذلك، قال تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ} [البقرة: 253].
فصل:
قد سلف معنى قوله: "لكل نبي دعوة مستجابة" وعبارة ابن بطال: يريد أن لكل نبي دعوة عند الله من رفيع الدرجة، وكرامة المنزلة أن جعل له أن يدعوه فيما أحب من الأمور، ويبلغه أمنيته فيدعو في ذلك وهو عالم بالإجابة، على ما ثبت عنه أن جبريل قال: "يا محمد إن أردت أن يحول الله لك جبال تهامة ذهبًا فعل"، وخيره الله بين أن يكون نبيًّا عبدًا، ونبيًا ملكًا، فاختار الآخرة على الدنيا (?)، وليست هذِه (الدرجة) (?) لأحد من الناس، وإنما أمرنا بالدعاء راجين الإجابة (غير) (?) قاطعين عليها ليقفوا (بين) (?) الرجاء والخوف.