فإن قلتَ: قول أبي الدرداء: يكفي من الدعاء مع العمل ما يكفي من الطعام مع الملح. وقيل لسفيان: ادع الله. قال: إن ترك الذنوب هو الدعاء، مخالف لما جاء في فضل الإلحاح في الدعاء، والأمر بالدعاء والضراعة إلى الله.

قلتُ: لا؛ لأن الذي جبلت عليه النفوس، أن من طلب حاجة ممن هو ساخط عليه لأمرٍ تقدم منه، استوجب به سخطه، أنه بالحرمان أولى، ممن هو عنه راض لطاعته له واجتنابه سخطه فإذا علم من عبده المطيع له حاجة إليه، كفاه اليسير من الدعاء.

فإن قلتَ: فما علامة الإجابة؟

قلتُ: روى شَهْر بن حوشب أن أم الدرداء قالت له: يا شهرُ، إن شفق المؤمن في قلبه كسعفة أحرقتها في النار، ثم قالت: يا شهر، ألا تجد القشعريرة؟ قلت: نعم قالت: فادع الله؛ فإن الدعاء يستجاب عند ذلك. وروى ابن وهب، عن ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير أنه سمع أبا رهم السماعي يقول: ما يشعر به عند الدعاء العطاس.

فصل:

فإن قلت: ما معنى قوله: "لكل نبي دعوة مستجابة" وقد قال تعالى للناس كافة: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60] فعم كل الدعاء، وهذا وعد من الله لعباده وهو لا يخلف الميعاد، وإنما خص كل نبي بدعوة واحدة مستجابة فأين فضل درجة النبوة. قيل: ليس الأمر كما ظننت ولا تدل الآية على أن كل دعاء مستجاب لداعيه، وقد قال قتادة: إنما يستجاب من الدعاء ما وافق القدر. وليس الحديث مما يدل أنه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015