كشفه للناظرين، ولم يرع وقوفهم عليه، فلا بأس بذكره عنه من حيث لا يسمع؛ لأنه كمن أذن في ذَلِكَ لكشفه عن نفسه، فأما من استتر بفعله فلا يحل ذكره لمن رآه؛ لأنه غير آذن في ذكره، وإن كان كافرًا. وقد سئل ابن وهب عن غيبة النصراني فقال: لا؛ لقول الله تعالى: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} [البقرة: 83] وهو من الناس، {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ} [الحجرات: 12] فجعل هذا لهم مثلاً، وفي الحديث: "اذكروا الفاسق بما فيه كي يحذره الناس" (?).

قال ابن أبي زيد: يقال لا غيبة في أمير جائر، ولا في صاحب بدعة يدعو إليها، ولا لمن يشاور في إنكاح أو شهادة أو نحو ذَلِكَ. وقد قال - عليه السلام - لفاطمة بنت قيس، حين شاورته فيمن خطبها: "إن معاوية صعلوك لا مال له" (?)، وكذلك رأت الأئمة أن من يقبل قوله من أهل الفضل يجوز له أن يبين أمر من يخاف أن يتخذ إمامًا، فيذكر ما فيه من كذب أو غيبة، مما يوجب ترك الرواية عنه. وكان شعبة يقول: اجلس بنا نغتاب في الله.

فصل:

قوله: ("إن شر الناس من تركه الناس (اتقاء شره) (?)، أو ودعه اتقاء فحشه") معنى (ترك) و (ودع) واحد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015