ذلك أن الصلاة جامعة فاجتمع الناس، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: "أيها الناس، اخرجوا فأمدوا إخوانكم، ولا يتخلفن أحد" فخرج الناس مشاة وركبانا في حر شديد (?). فدل قوله: "اخرجوا فأمدوا إخوانكم" أن العذر في التخلف عن الجهاد إنما هو ما لم يقع النفير مع قوله - عليه السلام -: "وإذا استنفرتم فانفروا" (?).
فرع:
اختلف في الوالدين المشركين، فكان الثوري يقول: لا تغز إلا بإذنهما. وقال الشافعي: له أن يغزو بغير إذنهما. وقال ابن المنذر: والأجداد (آباء) (?)، والجدات أمهات، فلا يغزو المرء إلا بإذنهم، ولا أعلم دلالة توجب ذلك لغيرهم من الإخوة وسائر القرابات. وكان طاوس يرى السعي على الأخوات أفضل من الجهاد في سبيل الله.
ومعنى ("فجاهد"): أي في طاعتهما وإبرارهما، فأما إذا أذنا له في ذلك جاهد، وذلك لأن فرض الجهاد على الكفاية، وطاعتهما فرض عين، وذكر أنه - عليه السلام - قال: "أهل الأعراف قوم قتلوا في سبيل الله بمعصية آبائهم، فمنعهم من النار قتلهم في سبيل الله" (?).