عمر جوعه فقط، فلما سقاه الشارع حَتَّى روي أقنعه ذَلِكَ ولم يطلب سواه.
وذلك دال على إيثارهم البلغة من الدنيا وطلبهم الكفاية، ألا ترى قول أبي هريرة: (ما شبع آل محمد من طعامٍ ثلاثًا حَتَّى قبض). ستأتي معاني هذا الحديث وما عارضه في باب: ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه يأكلون.
وفيه: سد الرجل خلة أخيه المؤمن إذا علم منه حاجة من غير أن يسأله ذَلِكَ.
وفيه: أنه كان من عادتهم إذا استقرأ أحدهم صاحبه القرآن أن يحمله إلى بيته، ويطعمه ما تيسر عنده، والله أعلم لِمَ لمْ يحمل عمر أبا هريرة حين استقرأه أبو هريرة لشغل كان به، أو أنه لم يتيسر حينئذٍ ما يطعمه، وقد روي عن أبي هريرة أنه قال: (والله لقد استقرأت عمر الآية، وأنا أقرأ (?) منه إلا طمعًا في أن يذهب بي ويطعمني). وهو زائد على ما في البخاري من قوله: (والله لقد استقرأتك الآية وأنا أقرأ لها منك).
وفيه: الحرص على أفعال البر، بأسف عمر على ما فاته من حمل أبي هريرة إلى بيته وإطعامه أن كان محتاجًا إلى الأكل، وأن ذَلِكَ كان أحب إليه من حمر النعم.