وقوله: (فشربت حَتَّى استوى بطني فصار كالقدح). هو السهم إذا قوم، وذلك أن السهم أول ما يقطع قطعًا، ثم يبرى يسمى بريًا، ثم يقوم، فيقال: القدح، وهو السهم إذا قوم، وذلك أن السهم يراش ثم يركب نصله، فهو حينئذٍ سهم. والمراد: إن بطنه استوى فامتلأ فصار كالسهم.
وقوله: (قال عمر: والله لأن أكون أدخلتك أحب إلى من أن يكون لي حمر النعم). هذا حث منه، وحرص على فعل الخير والمواساة.
والحمر: لون محمود في الإبل، يريد يملكها ويضعها في سبل الخير، فهي أحسنها وأطهرها جلدًا قال حُنَيْفُ الحناتِم.
الرمكاء (?) نهيا والحمراء صُبْرى ... والخوَّارة غُزرى والصهباء سرعى
وقالت بنو عبس: ما صبر معنا في حربنا من النساء إلا بنات العم، ومن الإبل إلا الحمر، ومن الخيل إلا الكميت.
وفي حديث أبي هريرة هذا التعريض بالمسألة والاستحياء وذكر الرجل ما كان أصابه من الجهد.
وفي هذا الحديث إباحة الشبع عند الجوع؛ لقوله: (فشربت حَتَّى استوى بطني وصار كالقدح). يعني: السهم في استوائه؛ لأنه لما روي من اللبن استقام بطنه وصار كأنه سهم؛ لأنه كان بالجوع ملتصقًا مثنيًّا.
وفيه: ما كان السلف عليه من الصبر على التقلل وشظف (?) العيش والرضا باليسير في الدنيا؛ ألا ترى أن أبا هريرة لم يكن له هم إلا أن يسد