ومنها: "أنت الذي أغويت الناس وأخرجتهم من الجنة".

ومنها: "هل وجدت فيها -يعني: في التوراة- {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى}. قال: نعم".

قال الدارقطني: وروى هذا الحديث أبو هلال الراسبي، عن أبي هريرة فوقفه، وكان كثيرًا مما يتوقى رفعه. ولما رواه هدبة عن ابن مهدي -يعني ابن ميمون الراوي عن محمد بن سيرين- رفعه مرة، ثم رجع عنه فأوقفه (?).

وأسلفنا هناك أنه يجوز [أن] تكون محاجتهما بالأرواح أو حقيقة أو يوم القيامة، ويجوز -كما قال ابن الجوزي- أن يكون شرح حال بضرب مثل لو اجتمعا مآلًا، ويكون تخصيص موسى بهذا دون غيره من الأنبياء، لأنه أول من جاء بالتكاليف، وموسى مال في لومه إلى الكسب، وآدم مال إلى القدر، وكلاهما حق لا يبطل أحدهما صاحبه، ومتى قضى للقدر على الكسب أخرج إلى مذهب القدرية، أو للكسب على القدر أخرج إلى مذهب الجبرية كما مضى هناك، وإنما وقعت الغلبة لآدم من وجهين:

أولهما: أنه ليس لمخلوق أن يلوم مخلوقًا فيما قضي عليه إلا أن يأذن الشرع بلومه، فيكون الشرع هو اللائم، كما قال - عليه السلام -: "إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها الحد ولا يثرب" (?) فلما أخذ موسى يلومه ولم يؤذن له عارضه بالقدر.

الثاني: أن الفعل اجتمع فيه القدر والكسب، والتوبة تمحو أثر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015