أحدهما: متعد بنفسه، كأحسنت كذا وحسنته: إذا أكملته، منقول بالهمزة من حسن الشيء.

والثاني: متعد بحرف الجر، كأحسنت إليه: إذا أوصلت إليه النفع، والإحسان في هذا الحديث بالمعنى الأول؛ فإنه يرجع إلى إتقان العبادات ومراعاة حق الله ومراقبته.

فمعنى: "تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ" أن تعبد عبادة من يرى الله تعالى ويراه الله تعالى، فإنك لا تستبقي شيئًا من الخضوع والخشوع والإخلاص وحِفْظِ القلب والجوارح، ومراعاةِ الآداب الظاهرة والباطنة مادمت في عبادته، وإن عرض عارض فنادر وإنما تراعي الآداب المذكورة إذا رأيته ورآك؛ لكونه يراك لا لكونك تراه، وهذا المعنى موجود وإن لم تره لأنه يراك.

وحاصله الحث على كمال الإخلاص في العبادة ومراقبة الله تعالى في جميع أنواعها مع قيام الخشوع والخضوع والحضور.

فحال من غلب عليه مشاهدة الحق كأنه يراه. ولعل هذِه الحالة هي المشار إليها بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "وجعلت قرة عيني في الصلاة" (?).

والثاني: حال من يغلب عليه اطلاع الحق عليه، وإليه الإشارة بقوله

تعالى: {الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ (218)} [الشعراء: 218].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015