وفيه: التحكيم، وقد سلف في الحديث قبله. وقال أبو حنيفة: إن وافق رأيه رأي قاضي البلد نفذ وإلا فلا (?). وقال شريح: إنه كالقسامة فلا يلزمه حكمه (?)، ثم إن هذا الرجل لم يحكم على واحد منهما إنما أصلح بينهما، وذلك أن هذا المال ضائع إذ دم يدعه أحدهما, ولعلهم لم يكن لهم في زمانهم بيت مال، فظهر لهذا المحكَّم أنهما أحق به؛ لزهدهما وورعهما وحسن حالهما, ولما ارتجى من طيب نسلهما وصلاح ذريتهما.

وحكى المازري خلافًا عندهم فيما إذا ابتاع أرضًا فوجد فيها شيئًا مدفونًا هل يكون ذلك للبائع أو للمشتري (?)؟ وحمله القرطبي على ما يكون من أنواع الأرض كالحجارة والعُمُد والرخام، وأما ما كان كالذهب والفضة فإن كان من دفين الجاهلية فهو ركاز، وان كان من دفين المسلمين فهو لقطة، وإن جهل ذلك كان مالاً ضائعًا، فإن كان هناك بيت مال حفظ فيه وإلا صرف في الفقراء والمساكين، وفيما يستعان به على أمور الدين، وفيما أمكن من مصالح المسلمين (?).

قال ابن التين: وإنما أخبر الشارع بذلك ليعتبر به ويزهد في الدنيا. قال ابن شهاب: الزاهد من لا يغلب الحرامُ صبره ولا الحلال شكره (?)، وهذا لعله كان شرعًا لهم، ولو ترك عنده ثلاثًا لنظر المال، فإن كان من دفين الإسلام فهو لقطة، وإن كان من دفين الجاهلية فقال مالك: هو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015