فصل:

ووجه مطابقة الترجمة للحديث عموم: "لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ" يدخل فيه من غدر من بر أو فاجر.

فالغدر حرام لجميع الناس برهم وفاجرهم؛ لأن الغدر ظلم، وظلم الفاجر حرام كظلم البر التقي.

ووجه مطابقتها حديث ابن عباس أن الشارع نص على أن مكة -شرفها الله- اختصت بالحرمة إلا في الساعة المستثناة، وليس المراد حرمة قتل المؤمن البر فيها، إذ كل (تبعة) (?) كذلك، فالذي اختصت به حرمة قتل الفاجر المستأهل للقتل، فإذا استقر أن الفاجر قد حرم قتله؛ لعهد الله الذي خصها به، فإذا خص أحد فاجرًا بعهد في غيرها لزم نفوذ العهد له بثبوت الحرمة في حقه، فيقوى عموم الحديث في الغادر بالبر والفاجر، نبه عليه ابن المنير (?). وجهه -والله أعلم- أن محارم الله عهوده إلى عباده، فمن انتهك شيئًا لم يف مما عاهد الله عليه، ومن لم يف فهو من الغادرين.

وأيضًا فالشارع لما فتح مكة منَّ على أهلها كلهم مؤمنهم ومنافقهم، ومعلوم أنه كان فيهم منافقون، ثم أخبر أن مكة حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، وأنه لا يحل قتال أحد فيها، وإذا كان كذلك فلا يجوز الغدر ببر منهم ولا فاجر، إذ شمل جميعهم أمانه وعفوه عنهم.

فصل:

قال القرطبي: هذا خطاب منه - عليه السلام - للعرب بنحو ما كانت تفعل، وذلك أنهم يرفعون للوفاء راية بيضاء، وللغدر راية سوداء؛ ليعظموا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015