وقوله: (لما ظهر عليها) أي: بفتح أكثرها ومعظمها، قبل أن تسأله اليهود أن يصالحوه بأن ينزلوا ويعطوه الأرض، ويسلمهم في أنفسهم، فكانت لليهود، فلما صالحهم أن يسلموا له الأرض، كانت هذِه لله ورسوله يريد: هذِه الأرض التي صالحه اليهود بها، وخمس الأرض التي كان أخذها عنْوةً، وللمسلمين الأربعة الأخماس من العنوة، ولم يكن لليهود فيها شيء؛ لخروجهم عنها بالصلح، والدليل على ذلك أن عمر لما أخرجهم، إنما أعطاهم قيمة الثمرة لا قيمة الأصول، فصح أنهم كانوا مساقين فيها بعد أن صولحوا على أنفسهم.
قال الخطابي: لست أدري كيف يصح إقطاع أرض المدينة وهم أسلموا راغبين في الدين إلا أن يكون على الوجه الذي جاء فيه الأثر عن ابن عباس أن الأنصار جعلت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما لم يبلغه الماء من أرضهم، فيحتمل أن يكون - عليه السلام - أقطع الزبير منها فأحياها.
ودلَّ قول أسماء: (أنقل النوى منها) أنه كان فيها نخل فلا ينكر أن يكون الزبير غرز فيها نخلاً، فطالت وأثمرت؛ لأنه بقي إلى أيام عليٍّ، ومات يوم الجمل كما سلف، وأما إقطاعه من أرض بني النضير فهو بين، وهو أن يكون ذلك من ماله؛ لأنه - عليه السلام - اصطفاها فكان ينفق منها على أهله، ويرد فضلها في نوائب المسلمين.
وقد روي أنه - عليه السلام - أعطاه الأنصار حين قدم المدينة بخلاف كل قبيلة، فلما أجلى بني النضير ردها فلا يبعد أن يكون أقطع الزبير (?).