الله على رسوله من بني النضير خاصة ليقوما به، ويسبلاه في السُّبل التي كانت سُبله فيها. إذ كانت غلة ذَلِكَ مصروفة في عظم أمور أهل بيتهما، وما فضل من ذَلِكَ مصروف في تقوية الإسلام وأهله، وسيدخله أهل الحاجة منهم، فدفعه عمر إليهما على الإشاعة بينهما، والتساوي والاشتراك في النظر والأجرة.
وأما مجيئهما إليه ثانيًا فلا يخلو من أحد وجهين: إما أن يطلب كل واحد منهما أن ينفرد بالعمل كله، (أو بنصفه) (?)، وفرَّا من الإشاعة لما يقع من العمال والخدم من التنازع، فأبى عمر أن تكون إلا على الإشاعة؛ لأنه لو أفرد واحدًا منهما بالعمل والنظر لكان وجهًا من وجوه الإمرة، فتتناسخ القرون وهي بأيدي بعض قرابة الرسول دون بعض، فيستحقها الذي هي بيده، ولم ير أن يجعلها نصفين على غير الإشاعة؛ لأن سنة الأوقاف ألا تقسم بين أهلها، وإنما تقسم غلاتها فلذلك حلف أن يتركها مجملة ولا يقسمها بينهم فشبه ذَلِكَ التوريث.
وقد ذكر البخاري في المغازي أن عليًّا غلب العباس على هذِه الصدقة ومنعه منها، ثم كانت بأيدي بني علي بعده يتداولونها (?).
فرع:
جميع ما تركه الشارع من الأصول، وما جرى مجراها مما يمكن بقاء أصله، والانتفاع به، حكمه حكم الأوقاف تجري غلاتها على المساكين، والأصل باق على ملكه موقف. لقوله: "ما تركنا صدقة" يعني: موقوفة.