أحدهما: أن الآحاد من القبائل كانوا إذا أسلموا وأقاموا في ديارهم بين ظهراني قومهم أوذوا فأمروا بالهجرة؛ ليسلم لهم دينهم.

ثانيهما: أن أهل الدين بالمدينة كانوا في قلة من العدد وضعف من القوة، فوجب على من أسلم أن يحضر النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ ليستعين به في حدوث حادثة، وليتفقهوا في الدين ويعلموا قومهم عند رجوعهم، فلما فتحت مكة (استغنوا) (?) عن ذَلِكَ؛ إذ كان معظم الخوف على المسلمين من أهل مكة فلما أسلموا أُمر المسلمون أن يغزوا في عقر دراهم، فقيل لهم: أقيموا في أوطانكم وقروا على نية الجهاد فإن فرضه غير منقطع مدى الدهر، وكان الجهاد في زمنه فرض كفاية، وقيل: عين. وقيل: على الأنصار. والخلاف في كونه كان فرض كفاية حكاه المالكية أيضًا.

وقال سحنون: كان في أول الإسلام فرض عين والآن هو مرغب فيه (?).

وقال المهلب: كانت الهجرة فرضًا في أول الإسلام على من أسلم؛ لقلتهم وحاجتهم إلى الاجتماع والتأليف، فلما فتح الله تعالى مكة دخل الناس في دينه أفواجا؛ سقط فرض الهجرة وبقي فرض الجهاد والنية على من قام به، أو نزل به عدو (?).

وحديث عائشة ضبطه عند أبي ذر (لكن) بضم الكاف على معنى ضمير جماعة النساء، وعند غيره بكسرها، ويبين الأول حديث: يأتي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015