قيل: إنما لم يجز له ذلك لقوله تعالى: {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1ٍ] ولقوله عز وجل: {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33]، ولما في الموطأ وغيره، أن عائشة وحفصة رضي الله عنهما أصبحتا صائمتين متطوعتين فأهدى لهما طعام فأفطرتا عليه، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت عائشة يا رسول الله: أصبحت أنا وحفصة صائمتين متطوعتين فأهدي لنا طعام فأفطرنا عليه. فقال: "اقضيا مكانه يوماً آخر". ولو كان الفطر جائزاً لم يلزمهما القضاء؛ ولأن العمل على ما قلناه، ألا ترى أن قول ابن عمر: ذلك الذي يلعب بصيامه؟ وأما الجواب عن الحديث فقد قال الترمذي: إن في سنده مقالاً. ولو صح فهو مرجوح بما ذكرناه.
وَفِي قَضَاءِ الْقَضَاءِ مَعَهُ قَوْلانِ
أي: أي من لزمه قضاء يوم فأفطر في القضاء فهل يجب عليه قضاء يومين؟ لأنه أفسدهما؛ ولأنه لما دخل في القضاء وجب عليه إتمامه، ألا ترى أنه لو تبين ألا قضاء عليه لزمه التمادي عند ابن القاسم كما تقدم؟ أو إنما يجب عليه قضاء اليوم الأول لأنه الواجب في الأصل والقضاء ليس مقصوداً لذاته؟ وظاهر كلام المصنف أن هذا الفرع مخصوص بالتطوع؛ لأن ما قبله وما بعده إنما هو فيه، لكن القولين جاريين في الفرض والنفل نقلهما صاحب تهذيب الطالب وابن يونس.
والعجب من قول ابن عبد السلام بعد كلام ابن يونس: وفيه نظر؛ لأن ما نقله في هذه المسألة إنما هو في النوادر، وليس فيها إلا الخلاف في النفل؛ لأن حاصله توهيم ابن يونس وليس بجيد، فإنه الثابت عند جماعة من الشيوخ، وقد عزا [159/ب] القولين ووجههما وقد حكاهما في البيان.
وصاحب النوادر وإن لم يذكر في كتاب الصوم القولين في قضاء قضاء الواجب، فقد ذكرهما في كتاب الحج الثاني.