وَيَجِبُ فِي النَّفْلِ بِالْعَمْدِ الْحرَامِ خَاصَّةً
تقدمت نظائر هذه المسألة في الصلاة.
فرع: ومن الواضحة قال ابن حبيب: لا ينبغي للصائم أن يفطر لعزيمة أو غيرها. وقد سئل عن ذلك ابن عمر فقال: ذلك الذي يلعب بصيامه.
وسئل عن ذلك مالك فشدد القول فيه، ولقد قال لي مطرّف في الصائم في غير رمضان يحل بالرجل في منزله فيعزم عليه أن يفطر عنده، قال: لا يقبل ذلك، وليعزم على نفسه ألا يفعل، وإن حلف عليه بالطلاق أو بالمشيء أو بعتق رقبة حنثه ولم يفطر، إلا أن يكون لذلك وجه. وكذلك لو حلف عليه بالله حنثه ولم يفطر وكفّر الحانث عن يمينه؛ لأن الصائم نفسه لو حلف بالله أن يفطر لرأيت ان لا يفطر وأن يكفر، إلا الوالد والوالدة فإني أحب له أن يطيعهما وإن لم يحلفا عليه، إذا كان ذلك على وجه الرأفة منها عليه لإدامة الصوم وما أشبه ذلك. وقال لي مطرف: وسمعت مالكاً يقوله فيمن يكثر الصوم أو يسرده وأمرته أمه بالفطر. قال مالك: وقد أخبرت عن رجال من أهل العلم أمرتهم أمهاتهم بالفطر ففعلوا ذلك وافطروا. انتهى.
ابن غلاب: وحرمة شيخه كحرمة الوالدين لعقده على نفسه ألا يخالفه، وأن لا يفعل شيئاً إلا بأمره، فصارت طاعته فرضاً، لقوله تعالى: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ} [النحل: 91] انتهى.
فإن قيل: لما لم تجيزوا للمتطوع الفطر ابتداءً؟ وما جوابكم عن حديث أم هانئ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها فدعا بشراب ثم ناولها فشربت فقالت يا رسول الله: أما إني كنت صائمة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الصائم المتطوع أمين على نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر".