وَأَمَّا الأَسِيرُ وَنَحْوُهُ لا يُمْكِنُهُ رُؤْيَةٌ وَلا غَيْرُهَا فَيُكْمِلُ ثَلاثِينِ

أي: أن الأسير ونحوه من محبوس وتاجر ببلد العدو، إن لم تمكنه رؤية ولا غيرها أي استخبار من ثقة كمل الشهور ثلاثين؛ أما إن أمكنه ذلك فحكمه حكم المطلق، فيعمل على ما تقدم، وهذا كله لا خلاف فيه، قاله ابن عبد السلام.

فَإِنِ الْتَبَسَتِ الشُّهُورُ بَنَى عَلَى الظَّنِّ

هذا ظاهر؛ لأنا متعبدون في المشتبهات بما يغلب على الظن، وناقش ابن هارون المصنف بأنه إذا وجب البناء على الظن فلا التباس، وإنما اللبس مع الشك.

فَإِنْ فُقِدَ الظَّنُّ فَقَوْلانِ؛ كَمَنِ الْتَبَسَتْ عَلَيْهِ الْقِبْلَةُ أَوْ نَسِيَ يَوْمَ نَذْرِهِ صَامَ جَمِيعَ الشُّهُورِ، ويتَحَرَّى شَهْرًا .....

أي: فإن لم يجد أمارة تحصل له الظن فقولان، كالقولين فيمن التبست عليه القبلة. هل يصلي إلى أربع جهات أو يتحرى جهة؟ وكالقولين فيمن نذر يوماً معيناً من الجمعة ثم نسيه، هل يصوم جميع أيام الجمع أو يتحري؟ وظاهر كلامه أن القولين منصوصان؛ والذي ذكره ابن بشير: أن المتأخرين خرجوهما من هاتين المسألتين. وعلى ما ذكره ابن بشير، فالفرق ظاهر، لأن صيام جميع الشهور فيه مشقة [154/ب] عظيمة، بل يكاد يكون من باب تكليف ما لا يطاق، بخلاف المسألتين الأخيرتين، فقوله: (صَامَ جَمِيعَ الشُّهُورِ)، هو القول الأ, ل. وقوله: (ويتَحَرَّى) هو القول الثاني، وفيه مناقشة، لأن فرض المسألة أنه فاقد للظن، فكيف يتحرى؟ وإنما مراده يتخير، وأطلق رحمه الله التحري على التخيير لعدم اللبس.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015