وانظر كيف جزم بالغلط وهو من باب تعارض القياس وخبر الواحد، وقد اختلف أهل الأصول في أيهما يقدم؟

وَلَوْ صَامَهُ احْتِيَاطاً ثُمَّ ثَبَتَ لَمْ يُجْزِهِ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ وَقَالَ أَشْهَبُ: كَمَنْ صَلَّى شَاكًّا فِي الْوَقْتِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ الْوَقْتُ ....

أي: من صام يوم الشك احتياطاً ثم تبين أنه من رمضان لم يجزه لعدم النية الجازمة، وما نقله المصنف من العمل هو في الموطأ وتشبيه أشهب ظاهر.

وَرَدَّهُ اللَّخْمِيُّ بِأَنَّ الصَّوْمَ بِالشَّكِّ مَامُورٌ بِهِ بِخِلافِ شَكِّ الْوَقْتِ

أي: ورد اللخمي تشبيه أشهب، قال في التبصرة بعد تشبيه أشهب: وليس السؤالان سواء؛ لأن من شك في وقت الظهر مأمور أن يؤخر حتى لا يشك. ولا يقال له: احتط بتعجيل الصلاة في وقت يشك فيه، ومن شكّ في الفجر أو الهلال مأمور أن يعجل الإمساك.

وَقَالَ: هِيَ مِثْلُ مِنْ تَطَهَّرِ أَوْ تَوَضَّأَ شَاكًّا ثُمَّ تَبَيّّنَ لَهُ الْوُجُوبُ، وَفِيهَا قَوْلانِ

يعني: أن اللخمي لما رد على أشهب تشبيهه شبّه المسألة بمسألة أخرى مختلف فيها.

قال بإثر الكلام السابق: وهو بمنزلة من شك في صلاة هل هي عليه أم لا؟ وشك هل أجنب أم لا؛ فاغتسل ثم تبين له أنه كان جنباً. انتهى.

وَالصَّوَابُ مَعَ أَشْهَبَ

إنما كان الصواب مع أشهب؛ لأن كلام اللخمي يستلزم أن يكون في الصيام قولاً بالإجزاء، وهو لا يجوز؛ لأن المنهي عنه لا يجزئ عن المأمور به، وكونه منهياً عنه ظاهر، لحديث عمار المتقدم، لكن هذا إنما يتم في يوم الشك لا في الشك في الفجر؛ فانظره.

على أن اللخمي لم يصرح بيوم الشك في كلامه، ويمكن حمل قوله: ومن شك في الفجر أو الهلال على هلال شوال. نعم فهم ابن بشير عنه أنه أراد يوم الشك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015