وَلَوْ فَقَأَ الَّتِي لا مِثْلُهَا لَهُ؛ فَنِصْفُ دِيَةِ فَقَطْ فِي مَالِهِ

يعني: ولو فقأ الأعور الصحيح العين التي ليست له، فعليه نصف دية فقط، ولا خلاف في ذلك لتعذر القصاص فيه لانعدام محله، ولأن ديتها خمسمائة. وقوله: (فِي مَالِهِ) أي: في مال الأعور؛ لأنه جناية عمد، وإنما امتنع القصاص لعدمها في حقه.

وَلَوْ فَقَأَ عَيْنَيِ الصَّحِيحِ فَالْقِصَاصُ وَنِصْفُ الدِّيَةِ، وَقَالَ أَشْهَبُ: إِنْ فَقَأَهُمَا فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ وبَدَأَ بالْمَعْدُومَةِ، فَأَمَّا لَوْ بَدَأَ بالَّتِي مِثْلُهَا لَهُ ثُمَّ ثَنَّى بالأُخْرَى فَهُمَا كَالْمُتَقَدِّمَتَيْنِ ...

أي: ولو فقأ الأعمى عيني الصحيح، فقال ابن القاسم في المدونة: يقتص للمجني عليه منعين الأعور، ويأخذ نصف الدية للعين الأخرى، وظاهر كلامه أنه لا فرق بين أن يكون فقأهما في دفعة واحدة أو بدأ بالتي ليست له، وأما لو بدأ بالتي مثلها له؛ فعليه القصاص وألف؛ لأنه لما فقأ التي له مثلها وجب القصاص، ثم صار أعور، فيلزم أن يجب في عينه ألف دينار، وفي بعض النسخ عوض قوله: فألف مع القصاص فهما كالمتقدمتين، وهي معناها؛ لأن معناها كالصورتين المتقدمتين، فتبدأته بالتي مثلها له تشبه فقأ الأعور عين الصحيح التي مثلها له، فيكون له القصاص، وتثنيته بالأخرى التي لا مثلها له يشبه فقأ الصحيح عين الأعور، والنص عن ابن القاسم وأشهب مثله حكاه المصنف.

صاحب النكت: قول ابن القاسم هنا خلاف قوله في الأعور يفقأ عين الصحيح التي مثلها له، أن الصحيح مخير، يجب على مذهبه إذا فقأها الأعور أن يكون الصحيح مخيراً في فقأ عين الأعور بعينه أو يأخذ فيه ألف دينار أو خمسمائة دينار في عينه الأخرى التي ليس لها مثل، وإنما جواب ابن القاسم في المسألة على ما قاله مالك في أحد أقواله: أنه ليس له إلا القصاص. وأما قول أشهب فإنما بنى على مذهبه الذي اختار من قول علي، وأما على قول

طور بواسطة نورين ميديا © 2015