فإن قلت: لم اختصت شهادة الزنى بالأربعة؟ قيل: لقصد الستر ودفع العار الذي يلحق الزاني والمزني بها وأهلهما، ولما لم يلحق ذلك في القتل اكتفي باثنين، وإن كان أعظم من الزنى، وقيل: لأنه لما كان لا يتصور إلا من اثنين اشترط أربعة؛ ليكون على كل واحد اثنان، وقيل: لما كان الشهود مأمورين بالستر ولم يفعلوا غلظ عليهم في ذلك ستراً من الله تعالى على عباده.
وَاللَّوَاطُ كَالزِّنَى
أي: في الاحتياج إلى الأربعة، وبقية الأوصاف، وإباحة النظر.
وَيَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ أَنْ يَسْأَلَهُمْ عَنِ السَّرِقَةِ: مَا هِيَ؟ وَكَيْفَ أَخَذَهَا؟ وَمِنْ أَيْنَ؟ وَإِلَى أَيْنَ؟ وَقَالَ سحنون: إِنْ كَانُوا مِمَّنْ يَجْهَلُ ..
فيه حذف معطوف عليه؛ أي: في الزنى والسرقة.
ابن القاسم في المجموعة: ويفرقون في الزنى فقط، وقال أشهب: لا يفرقون إلا أن يستراب في شهادتهم.
ابن المواز: فإن غابوا قبل أن يسألهم غيبة بعيدة أو ماتوا نفذت الشهادة وأقام الحد، قال: وإن كان الشهود أكثر من أربعة فغاب منهم أربعة بعد أن شهدوا لم يسأل من حضر، وثبت الحد؛ لأن من حضر لو رجع عن شهادته لثبت الحد ممن غاب، ورأى بعض الشيوخ أن غيبة أربعة منهم لا يمنع سؤال من حضر؛ لاحتمال أن يذكر الحاضرون إذا سئلوا ما يوجب الوقف عن شهادة الغائبين والحاضرين جميعاً. وقيد اللخمي قول محمد: "إذا غابوا" بما إذا كانوا من أهل العلم بما يوجب الحد، وقول سحنون إنما هو منقول عنه في السرقة، ولعل المصنف أتى به إشارة إلى تخريجه في الزنى، ولا يؤخذ من قول المصنف أن قول سحنون إنما هو منقول في السرقة، والتخريج غير لازم لعظم أمر الزنى، ثم الأقرب هو المشهور؛ لأنهم وإن كانوا عالمين فقد يخالفهم القاضي في رأيهم.