وقوله: (غَيْرِ مُفْتَرِقِينَ) ابن عبد السلام: الأقرب أنه نعت لبيان لا تأكيد؛ لأن قوله: (مُجْتَمِعِينَ) لا يفيد إلا مطلق الاجتماع، وهو أعم من أن يكون ذلك في المشهود به أو له وفي زمانه، ثم الشهود هل أدوا شهادتهم مجتمعين أو متفرقين؟ الأمر محتمل لذلك كله بين المصنف بقوله: (غَيْرِ مُفْتَرِقِينَ) أن مراده كونهم أتوا بشهادتهم في وقت واحد.

وقال بعض من تكلم هنا: الأظهر أنه نعت تأكيدي؛ لأن الاجتماع فيه أو في المشهود به مستفاد من قوله: (بِزِنًى وَاحِدٍ) وكذلك أيضاً المشهور اشتراط ما ذكره من الزنى الواحد، وهو الجاري على أصل المذهب أنه لا تلفق الشهادة على الأفعال.

وقال ابن الماجشون: إذا اتفقوا في صفة الرؤية واختلفوا في الأيام والمواطن لم تبطل الشهادة.

وقوله: (وَرُؤْيَةِ أَنَّهُ أَدْخَلَ فَرْجَهُ فِي فَرْجِهَا .. إلخ) أي: لا بد أن يشهدوا بهذه الرؤية المخصوصة ولا خلاف فيه، ويدل عليه قصة عمر رضي الله عنه لما شهد عنده ثلاثة على المغيرة بن شعبة بالرؤية المذكورة، وقال الرابع: رأيت نفساً تعلو واضطراباً ورجلاها على كتفيه كأنهما أذنا حمار، فقال: الله أكبر، وأسقط الحد، وحد الثلاثة.

وَلِلْعَدْلِ النَّظَرُ إِلَى الْعَوْرَةِ قَصْداً لِلتَّحَمُّلِ

لأنه لا تصح الشهادة إلا بذلك. واحترز بالعدل من غيره فإنه لا يجوز له ذلك؛ لأن من لا تجوز شهادته لا فائدة في نظره، وذكر المازري أن جواز النظر هو ظاهر المذهب.

ابن عبد السلام: ومنع ذلك بعضهم فيما أشار إليه بعض الشيوخ، ورأى أنه لا يشهد إلا بنظرة الفجاءة، لأن النظر حرام، والتحمل غايته أداء الشهادة، والأداء غير واجب فوسيلته كذلك، وأشار بعض المخالفين لنا ممن يوافق المذهب على إجازة النظر إلى أنه إنما ينظر لمغيب الحشفة؛ لأنه القدر المحتاج إليه ويكف عن غيره.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015