ونقل في الإكمال قولين آخرين:

أولهما: أن ما يكون جرحة في الشهادة نفسها لا يصلح له أداؤها بعد، قال: وهو الظاهر، والثاني: إنما يكون جرحة إذا سكت حتى رأى صاحب الحق صالح عن حقه واضطر إلى شهادته ولم يعرفه بها حتى بطل حقه.

الثاني: أن يكون الحق لله تعالى يستدام فيه التحريم، كما لو شهد على رجل بعتق عبده أو أمته أو بطلاق زوجته أو بمخالعته لها أو بكونه رضع معها، وقيد ابن شاس الوقف بأن يكون على غير معينين، وأطلق القول فيه الباجي وابن رشد- فهذا تجب مبادرة الشاهد إلى الشهادة، فإن سكت عنها كان ذلك جرحة في حقه.

قال في البيان: ووقع لأشهب في المبسوط أن الشهادة لا تبطل بالإمساك عنها كان الحق بطلاق أو حرية أو بمال. واستبعده، قال: ويجيء عليه أنه لا يلزمه أن يقوم في ذلك بشهادته حتى يسألها.

الثالث: أن يكون الحق لله تعالى لكن لا يستدام فيه التحريم بأن تكون المعصية قد انقضت كالزنى وشرب الخمر فلا يجب الابتداء بها. قال في الإكمال: لما جاء في الستر على المسلم، إلا أن يكون مشهوراً بالفسق مشتهراً بالمعاصي مجاهراً بذلك فقد كره مالك وغيره الستر على مثل هذا ورأوا رفعه والشهادة عليه بما اقترف؛ ليرتدع عن فسوقه.

وَفِي الْقَبُولِ كَمُخَاصَمَةِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ فِي حَقِّ الآدَمِيِّ، وَفِي مُخَاصَمَتِهِ فِي حَقِّ اللهِ تَعَالَى قَوْلانِ، وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ وَحَلَفَ [672/ أ] فِيهِمَا قَوْلانِ ..

هذا هو الوجه الثالث من وجوه الحرص، فإذا خاصم الشاهد المشهود عليه في حق الآدمي دل ذلك على تعصبه للمشهود له، وأما إن كانت المخاصمة في حق الله فقد اختلف في أربعة تعلقوا برجل ورفعوه للقاضي وشهدوا عليه بالزنى؛ فقال ابن القاسم:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015