وقال أصبغ فيمن شهد على رجل حاضر فلما أتم الشهادة قال للمشهور عليه والقاضي يسمع: "إنك تشتمني وتشبهني بالمجانين" قال: لا نطرح شهادته إلا أن تثبت العداوة من قبل. هكذا نقل ابن عبد السلام ونقل المازري عن أصبغ رد الشهادة، وعلله بكون الشاهد أقر عن نفسه بعداوة المشهود عليه. ونقل ابن سهل هذا عن ابن الماجشون، ونقل عن أصبغ أنها لا تبطل إذا كان ذلك منه على جهة الشكوى لا على طلب المخاصمة، وتبطل إن كان على وجه الخصومة.
خليل: ويمكن أن يجمع بين النقلين الأولين بهذا، واستحسن اللخمي ردها، إلا أن يكون الشاهد مبرزاً.
وقوله: (وَأَمَّا الْعَدَاوَةُ الدِّينِيَّةَ) هو مفهو من الشرط أولاً، لكن صرح به هنا لما ترتب عليه بقوله: (فَأَوْلَى بِقَبُولِهَا) وقد حكى الأبهري الإجماع على أن العداوة في الدين لا تبطل الشهادة بدليل جواز شهادتنا على سائر الملل.
فروع:
الأول: إ ذا طرأ بين المسلم والكافر عداوة لأمر حدث فاختلف أصحابنا في قبول شهادة المسلم حينئذ عليه. عياض: والصحيح عدمه.
الثاني: قال مالك: إذا شهد وجب عليه أن يخبر الحاكم بأنه عدو، وعن سحنون لا يخبر تنفيذاً للحق، ولا يسعى في إبطاله. ابن رشد: وهو أصح.
الثالث: إذا خاصم الرجل عن غيره ففي مفيد الحكام: تجوز الشهادة عليه في اليسير الذي ليس مثله يورث الشحناء.
وفي المتيطية: الخصم هو الذي يخاصم غيره، وقال ابن وهب: هو الوكيل على [671/ أ] الخصومة. ومقتضى قول ابن وهب تجوز شهادته على الوكيل مطلقاً.