الثانية: أنه لم يصرح في القرابة بأنها تقبل عليه ولا تقبل له، وهذا المعنى وإن كان مفهوماً مما تقدم فالتصريح هنا به أولى.
فإن قيل: (أل) في: (الْقَرَابَةِ) إما للعهد وهو متنف لعدم تقدم ما هو معهود، أو للجنس وهو لا يصح، وإلا لزم المنع في الأعمام والأخوال.
قيل: هي للعهد، وقد تقدم ما يدل على القرابة من وجهين:
أحدهما: أكيد الشفقة.
والثاني: قوله: (كَالأُبُوَّةِ وَالأُمُومَةِ)
فإن قيل: فإن كان هذا عكس الثالث كان ينبغي أن يذكر أولاً في المانع الثالث القرابة دون أكيد الشفقة.
قيل: ذكر أولاً أكيد الشفقة لينبه على العلة الملحوظة، والله أعلم.
وَشَرْطُهُا: أَنْ تَكُونَ عَلَى أَمْرٍ دُنْيَوِيِّ مِنْ مَالٍ أَوْ جَاهٍ أَوْ مَنْصِبٍ أَوْ خِصَامٍ وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ دَيْناً يَتَشَوَّفُ بِهِ عَادَةً إِلَى أَذًى يُصِيبُهُ. قَالَ سحنون: وَمِثْلُهُ لَوْ شَهِدَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ عَلَى الشَّاهِدِ وَهُوَ فِي خُصُومَتِهِ. وَأَمَّا الْعَدَاوَةُ الدِّينِيَّةَ فَلا أَثَرَ لَهَا فَأَوْلَى بِقَبُولِهَا ..
شرط في العداوة المانعة أن تكون دنيوية، كذلك إن كان أصلها ديناً ولكن قويت حتى زادت على القدر الواجب- فإن ذلك القدر الزائد يمنع الشهادة، قاله المازري وعياض.
وهو صحيح؛ فإن تلك العداوة لو كانت لله تعالى لما تعدت القدر المأذون فيه وما حكاه عن سحنون يوهم أنه لو شهد عليه بعد الخصومة لقبل، والذي نقل المازري عن سحنون إذا شهد رجل بشهادة فبعد ذلك بنحو شهرين شهد المشهود عليه على الشاهد الذي شهد عليه: إن شهادته لا تقبل، وأشار المازري إلى أنه لابد من الالتفات إلى بروزهما في العدالة، وكون الشهادة الأولى لم تقع بما يوجب حقداً لاحتقار ما شهد به الشاهد الأول.