رواية ابن كنانة، وزاد بعد: "عدل رضا" "جائز الشهادة" ولا يقبل منه: "لا أعلمه إلا عدلاً رضاً".
وقوله: (وَقِيلَ: أَوْ أَرَاهُ) ابن عبد السلام: لمطرف وابن الماجشون وابن عبد الحكم وأصبغ أنه يجزيه عندي: "عدل رضا" وليس عليه أن يقول: "هو عند الله رضاً" ولا أن يقول: "أرضاه علي ولي". ورواه أشبه عن مالك رحمه الله، والأقرب أن مراد المصنف بهذا القول ما لمالك في المجموعة قال: إذا قال المزكي: "لا أعلم إلا خيراً" ليس هذا بتزكية حتى يقول: "أعلمه وأراه عدلاً" لأن قول المصنف: (أَوْ أَرَاهُ) يقتضي أن هذا القائل يوافق على: "أعلمه أو أعرفه" ولم يقع في قول مطرف أعلمه ولا أعرفه. فإن قيل: لم يقع أيضاً في المجموعة "أعرفه" قيل: هي في معنى أعلمه، والله أعلم.
وَلا يَجِبُ ذِكْرُ سَبَبِ التَّعْدِيلِ
لأن التعديل إنما يكون بعد الصحبة الطويلة واختبار الأفعال الكثيرة وذكر ذلك يطول، وقد تعسر العبارة دونه فيسقط لما فيه من المشقة ولهذا لم يختلف فيه كما اختلف في ذكر سبب الجرح؛ لأن الجرح يكفي فيه الشيء الواحد.
وَفِي سَبَبِ الْجَرْحِ ثَالِثُهَا لِمُطَرِّفٍ: إِنْ كَانَ عَالِماً بِوَجْهِهِ لَمْ يَجِبْ، وَرَابِعُهَا لأَشْهَبَ: إِنْ كَانَ غَيْرَ مُبَرِّزٍ لَمْ يَجِبْ ..
تصور الأقوال لا يخفى عليك، والأقرب أنه لابد من ذكر سببه؛ لاختلاف العلماء في أسبابه مع غموض بعضها، وقد جرح أقوام من المحدثين ونسبوا إلى أشياءٍ هم منها براء، واستفسر من جرحهم فذكر ما لا يصلح؛ لأن بعضهم قال: رأيته يبيع ولا يرجح في الميزان، وقال آخر: رأيته يغتاب بحضرته ولا ينكر، وقال بعضهم: رأيته يبول قائماً، فقيل: وإذا بال قائماً، قال: يتطاير عليه بوله، فقيل له: فهل رأيته صلى بعد ذلك؟ قال: لا؛ فظهر غلطه في التجريح لما كوشف عن سببه.