ابن عبد السلام: وإنما يلزم عندي الإخبار إذا كان التجريح من بينة، وأما إن كان المعول في القدح على أن القاضي سأل الشاهد عن ذلك سراً فحصل عنده ما يقدح في شهادته فلا يلزمه أن يخبر بذلك الحق؛ إذ لا إعذار في ذلك على أظهر القولين.

وَيَكْفِي فِي التَّعْدِيلِ: "أَشْهَدُ أَنَّهُ عَدْلُ رِضاً" وَقِيلَ: أَوْ أَعْلَمُهُ أَو أَعْرِفُهُ، وَقِيلَ: أَوْ أَرَاهُ عَدْلاً رِضاً ...

ويكفي: "هو عدل رضا" هو اختيار مالك وأصحابه؛ لأن العدالة تشعر بسلامة الدين، والرضا يشعر بالسلامة من البله والغفلة. واختار الشافعي أن يقول: "عدل جائز الشهادة أرضاه لي وعلي". وليس ذلك بتزكية عندنا. قاله عبد الوهاب؛ لأنه قد يرضى بغير العدل وبالمتهم لغرض له فيه ولا يرضى بالعدل، وقولنا موافق للقرآن لقوله تعالى: (وَأَشْهِدُوا ذَوَى عَدْلٍ مِنْكُمْ) [الطلاق: 2] وقوله: (مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنْ الشُّهَدَاءِ) [البقرة: 282] وظاهر كلام المصنف أنه لا يكفي أحد اللفظين، وهو الذي صرح به في الجلاب، قال في الكافي: وهو تحصيل مذهب مالك، وقال ابن زرقون: المعلوم من المذهب خلافه، وأنه لو اقتصر على أحد اللفظين من العدالة والرضا أجزأ، وهو معلوم لمالك وسحنون وغيرهما، واختار اللخمي التفصيل: فإن قال إحدى الكلمتين ولم يسأل عن الأخرى فهو تعديل؛ لأن العدل من رضي للشهادة، والرضا عدل، وقد ورد القرآن بقبول شهادة من وصف بإحدى الكلمتين، ولو سأل عن الأخرى فوقف كان ذلك ريبة في تعديله ويسأل عن السبب في وقوفه فقد يذكر وجهاً لا يقدح في العدالة، أو وجهاً يريب فتقف عنه.

وقوله: (وَقِيلَ: أَوْ أَعْلَمُهُ أَو أَعْرِفُهُ) يعني: أن القول الأول يشترط أن يقول: "أشهد" وهو القول: يكفي عنده أشهد، أو أعلمه عدلاً رضاً، أو أعرفه" وهو لمالك من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015