ابن رشد: حمل الباجي القولين على الخلاف، وهو أظهر، وذهب غيره إلى أنه ليس بخلاف، وأنه لا خلاف أن الشاهد الواحد يجزأ في تعديل السر، وإن كان الاختيار اثنين. وسكت المصنف عن تزكية العلانية لأنها على الأصل في أنها لا يقبل فيها إلا اثنان.
وحكى ابن بطال في أحكامه عن ابن لبابة أن التزكية لا تكون بأقل من ثلاثة، وظاهر المذهب أن شهود الزنى كغيرهم، وهو قول ابن الماجشون ومطرف أنه لا يكفي تزكية شهود الزنى إلا أربعة، وكذلك المشهور قبول التزكية مطلقاً. وقال أحمد بن عبد الملك: لا تكون عدالته في الدماء.
ابن زرقون: ولم يصحب هذا القول عمل. وحكى في المتيطية قولاً بقبول تزكية النساء فيما تجوز فيه شهادتهن.
مطرف وابن الماجشون: وينبغي للحاكم أن يستكثر من المعدلين، ولا يكتفي باثنين إلا في مثل الثابتين في العدالة والعلم بالتعديل.
وَيَسْمَعُ التَّجْرِيحَ فِي الْمُتَوَسِّطِ الْعَدَالَةِ بِاتِّفَاقٍ، وَيَسْمَعُ فِي الْمُبَرِّزِ الْقَدْحَ بِالْعَدَاوَةِ وَالْقَرَابَةِ وَشِبْهِهِ، وَفِي قَبُولِ تَجْرِيحِهِ فِي الْعَدَالَةِ ثَلاثَةُ لِمُطَرِّفٍ وَأَصْبَغَ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، ثَالِثُهَا: إِنْ كَانُوا مِثْلَهُ أَوْ أَعْدَلَ قُبِلَ ..
يعني: أن القاضي إذا رفعت إليه بينة وزكيت أو قبلها لعلمه بعدالتها فلا يحكم على الخصم إلا بعد الإعذار إليه على ما استمر عليه العمل، ويجب الإعذار في البينة وفيمن زكاها، صرح بذلك ابن القاسم الموثق وصاحب المعين وغيرهما.
فإذا أعذر للخصم فأما المتوسط فتسمع فيه المطاعن كلها من تجريح وعداوة وقرابة. وقول المصنف في التجريح يحتمل أن يكون اقتصر على التجريح لأن العداوة والقرابة أولى، ويحتمل أن يكون أطلق الجرح على ما هو أعم.