غيرهم به ريبة، والريبة هنا أشد من المسألة السابقة، وإن كان الشاهد الأول غريباً، فإن ذلك جائز لعدم الريبة، وألحق بعضهم بالغريب النساء في هذا.
وَلا يَنْبَغِي أَنْ يُجْتَزَأَ بِتَعْدِيلِ الْعَلانِيَةِ بِخِلافِ السِّرِّ
يعني: أنه يستحب في التعديل الجمع في ذلك بين السر والعلانية، وهكذا صرح الباجي وغيره بأن الأفضل الجمع بينهما، وإن اقتصر على العلانية جاز، وهذا مذهب [666/ ب] المدونة، وقال ابن الماجشون: لا يقبل التعديل في العلانية فقط.
اللخمي: وهو أحسن؛ لأن الناس يتقون أن يذكروا في العلانية ما يعلمونه من السر خيفة العداوة.
وقوله: (بِخِلافِ السِّرِّ) أي: فإنه يجوز الاكتفاء به، ولا خلاف فيه.
قال في الاستذكار: وأول من سأل سراً ابن شبرمة قال: كان الرجل إذا قيل له: هات من يزكيك فيأت القوم فيستحيون منه فيزكونه، فلما رأيت ذلك سألت في السر، فإذا صحت شهادتهم قلت: هات من يزكيك في العلانية.
قَالَ مَالِكُ: وَلا أُحِبُّ أَنْ يَسَأَلَ فِي السِّرِّ أَقَلَّ مِنِ اثْنَيْنِ؛ فَلا بَاسَ أَنْ يَقْبَلَ قَوْلَهُ وَحْدَهُ.
يعني: أن مالكاً استحب في تزكية السر اثنين، مع أنه أجاز الواحد، وهذا لأن أصل المذهب أن كل ما ابتدأ القاضي فيه بالسؤال اكتفي فيه بالواحد. وفي النوادر: وكل ما يبتدئ القاضي السؤال عنه والكشف من الأمور فله أن يقبل فيه قول الواحد، وما لم يبتدئ به هو وإنما يبتدئ به في ظاهر أو باطن فلابد من شاهدين فيه.
وحكى الباجي عن سحنون أنه قال: لا يقبل في السر إلا اثنان.