القاضيين؛ أعني: إذا كانا ببلد واحد وأخبر أحدهما الآخر أنه ثبت عنده بشهادة فلان وفلان كذا هل يكتفي بخبر القاضي أم لا؟ قال: فإن قلنا: إن هذا من القاضي كنقل عن شهادة فلا يكتفي هذا القاضي [661/ ب] المخاطب بتعريفه أنهم شهدوا عنده بكذا؛ لأن الشهود المنقول عنهم حضور، ولا يصح نقل عن شاهد حاضر من غير عذر، وإن قلنا: إن ذلك كقضية؛ فإن القاضي الثاني ينفذ ما قاله الأول من غير أن يطلب إحضار الشهود، وقد يقال: إذا قبلنا قول القاضي وحده فكذلك يصح نقله.

قوله: (أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ فِي طَرَفِ وِلايَتِهِ) وذلك إما بأن يكون لكل واحد جهة من البلد، أو يكونا في جهتين متجاورتين.

(وَلَوْ كَانَ الْمَسْمَعُ فِي غَيْرِهَا) أي: في غير ولايته (لَمْ يُسْمَعْ) لأنه معزول في تلك الجهة، فصار كقوله بعد العزل: "كنت حكمت بكذا" وأجاز أهل طليطلة أن يخبر القاضي المحل بغير بلده قاضي البلد وينفذ حكمه.

ابن سهل: ولو كان السامع للحكم في غير محل ولايته والمسمع في محل ولايته ثم رجع السامع إلى محل ولايته له أن يحكم بما سمعه في غير محل ولايته؛ لأنه حينئذ حاكم بعلمه، وفي أحكام ابن سهل عن أصبغ ما ظاهره أن له أن يحكم، وأجراه مجرى تنفيذ الأحكام في غير ولايته.

ابن عبد السلام: وانظر قول المؤلف: (فَهِيَ شَهَادَةُ) فظاهره أن القاضي السامع لو طلب منه أن يؤدي ما سمعه من هذا القاضي إلى قاض ثالثا لكان ذلك له ويكون شاهداً، فيحكم بقوله مع يمين الطالب، أو مع شهادة شاهد آخر، وفي هذا الأصل قولان: هل يكتفي بالشهادة بذلك أو لا بد من السماع من القاضي من زيادة قوله: أشهد علي بكذا؟ ولو قيل: إنه لا يشهد في هذه الصورة من غير خلاف لما بعد، فإن ذلك الخلاف إنما هو إذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015