ابن عبد السلام: وهو الظاهر مراعاة لقول من أجاز له الحكم بعلمه مطلقاً كأبي حنيفة وغيره، وأما ما أقر به في مجلس الخصومة فحكم به فلا ينقض؛ أي: بالاتفاق، لكن ظاهر كلامه أنه لا ينقضه هو ولا غيره. والذي في الموازية: ولو حكم بما أقر به في مجلس القضاء ثم وليغيره لم ينقضه، وأما ما دام هو قاضياً فينقضه.

فَلَوْ أَنْكَرَ بَعْدَ إِقْرَارِهِ فَقَالَ مَالِكُ وابن القاسم: لا يَحْكُمُ بِعِلْمِهِ، وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَسحنون: يَحْكُمُ ..

فهذا هو الخلاف الذي استثناه بقوله: (إِلاَّ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الْمُخَاصَمَةِ) فهو تكرار.

فَلَوْ أَنْكَرَ أَنَّهُ أَقَرَّ بَعْدَ أَنْ حَكَمَ لَمْ يُفِدْهُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَفِي الْجَلابِ: إِذَا ذَكَرَ الْحَاكِمُ أَنَّهُ حَكَمَ فَأَنْكَرَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ لَمْ يُقْبَلْ إِلا بِبَيِّنَةٍ عَلَى حُكْمِهِ ..

يعني: فلو أقر أحد الخصمين فحكم عليه القاضي مستنداً لإقراره مضى ذلك الحكم، ولا يفيد الخصم إنكاره بعد حكم القاضي، هذا بخلاف المسألة الأولى؛ لأن الإنكار فيها قبل تمام الحكم.

وقوله: (عَلَى الْمَشْهُورِ) هكذا صرح اللخمي بمشهورية هذا القول وعبر عنه المازري بالمعروف، وشرط في ذلك أن يكون القاضي باقياً على ولايته، وجعل اللخمي والمازري ما في الجلاب مقابله، وأشار ابن عبد السلام إلى أن كلام ابن الجلاب ليس نصاً في المخالفة؛ لأن مسألة المشهور أن يخالف الخصم في الحكم، وإنما خاف في سببه وهو الإقرار بخلاف مسألة الجلاب فإن الخصم نازع فيها في أصل الحكم، ولو عرضت مسألة المشهور على ابن الجلاب لاحتمل أن يوافق على المشهور. قال: ولهذا لم يكتف المصنف بذكر المشهور عن ذكر مقابله، بل ذكر ما في الجلاب لينبه على ذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015