وما ذكره من قوله: (وَكَذَلِكَ لَوْ حَكَمَ الْحَنَفِيُّ .. إلخ) ظاهر التصور، ونقله ابن محرز عن ابن الماجشون فقال: وإن كان حكم باجتهاد وحكم بقول شاذ فذهب ابن الماجشون إلى فسخ حكمه، ومثل ذلك: الحكم بالشفعة من الجار، وتوريث ذوي الأرحام، وترك الحكم بالشاهد واليمين.

قال: وخلاف أهل العراق في هذا ظاهر، وهي من المسائل التي شرع فيها الاجتهاد، وقد ذهب جماعة إلى توريث ذوي الأرحام من الصحابة والتابعين، ولا أدري ما هذا.

وقد ذكر ابن حبيب عن ابن عبد الحكم أن القاضي إذا حكم بخلاف كائناً ما كان أنه يمضي ولا يرد، وهذا هو الصواب، وكذلك استشكل ابن عبد السلام النقض في مسألة شفعة الجوار، قال: لأن ما تقدم الظاهر فيه مخالف للباطن، ولو علم القاضي بكذب الشهود لما حكم بهم إجماعاً، بخلاف مسألة الشفعة فإنها مختلف فيها، وحكم القاضي يرفع الخلاف فيكون كالمجمع عليه، وما هذا سبيله يتناول الظاهر والباطن، والذي قلناه هو مكان كلام السيوري في بعض مسائله قال: وعلى هذا لو غصب غاصب شيئاً فنقله عن مكان الغصب وكان مما اختلف فيه هل يفوت بنقله أم لا؟ فقضى القاضي لربه بأخذه وكان مذهب ربه أنه يفوت وتجب فيه القيمة فينبغي على هذا أن لا يكون لربه التصرف فيه.

وذكر المصنف في أصوله في الاجتهاد: لو قال مجتهد شافعي لمجتهدة حنفية: أنت بائن، ثم قال: راجعتك- أنه يرفع إلى الحاكم فيتبع حكمه، وهذا يدل على أن حكمه يرفع الخلاف.

وَإِذَا أَشْكَلَ عَلَى الْحَاكِمِ أَمْرُ تَرَكَهُ، قَالَ سحنون: لا بَاسَ أَنْ يَامُرَ فِيهِ بِالصُّلْحِ، وَلا يَحْكُمُ بِالتَّخْمِينِ؛ فَإِنَّهُ فِسْقُ وَجَوْرُ ..

قد يشكل على الحاكم كلام الخصمين من جهة تصوره؛ فيأمرهما بالإعادة ليفهم عنهما، وقد يفهم عنهما ويشكل عليه وجه الحكم- وهذا هو الذي تكلم عليه المصنف-

طور بواسطة نورين ميديا © 2015