عياض: والرواية صحيحة معناها في العتبية وكتاب محمد: فإن قلت: إذا كان كالكثير فلم لا أوجب الهدي لتفرقة المشي كما في سائر صور الكثير؟ فالجواب: إنما جعله هنا مستحبّاً لاختلاف العلماء؛ لأن منهم من لا يرى المشي إلا إلى مكة فقط، والله أعلم.
وَقَالُوا: مَا دُونَ الْيَوْمِ يَسِيرٌ، وَما فَوْقَ الْيَوْمَيْنِ كَثِيرٌ، وَفِيمَا بَيْنَهُمَا قَوْلانِ، وَالْحَقُّ: أَنَّهُ يَخْتَلِفُ باخْتِلافِ الْمَسَافَةِ ...
تصوره واضح، وحكى بعضهم أنه يرجع في ركوبه أقٌل من اليوم، وقال بعضهم: اليوم والليلة قليل، على ما في المدونة والعتبية قرب المكان أو بعد، وعليه الهدي. وروى ابن وهب: ولا هدي عليه.
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَسِيراً رَجَعَ فَيَمْشِي مَا رَكِبَ، وَقِيلَ: إِلا أَنْ يَكُونَ مَوْضِعُهُ بَعِيداً جِدّاً فَلا يَرْجِعُ فَإِنْ عَجَزَ ثَانِياً لَمْ يَرْجِعُ ....
أي: فإن كان ركوبه كثيراً رجع؛ لأن المشي في ذمته فلا يخرج عن عهدته إلا بالإتيان به، وظاهره أنه يرجع ويمشي أماكن ركوبه، سواء كان ركوبه في أول مراتب الكثرة أم لا.
الباجي: ورواه ابن المواز عن مالك في الذي يركب عقبة ويمشي أخرى أنه يرجع فيبتدئ المشي كله. وفي الواضحة عن مالك: يرجع فيمشي ما ركب من غير تفصيل. انتهى. وهذا هو ظاهر المدونة لقوله: وعرف أماكن ركوبه من الأرض ثم يعود ثانية فيمشي أماكن ركوبه، ولا يجزئه أن يمشي عدد أيام ركوبه؛ إذ قد يركب موضعاً ركب فيه أولاً.
خليل: وقد يقال ما في الموازية ليس بخلاف وإنما أمره مالك بمشي الطريق كله؛ لأنه لا يتحقق بطريق العادة ضبط مواضع مشيه من ركوبه، لا سيما إذا كان الموضع بعيداً جدّاً. وحمل اللخمي ما في الموازية على أنه كان قادراً على الصبر على الركوب في موضع ركوبه، قال: وأما إذا كانت تلك قدرته فلا يكلف مشي غير ما ركب. وعن ابن الماجشون في الذي ركب جل الطريق أن يرجع فيمشي الطريق كله.