واختلف الشيوخ هل يرتفع الخلاف إذا أتى بلفظة كل، وهي طريقة ابن بشير، أو هو باقٍ؟ وإليه ذهب الأكثر وهي الصحيحة. فإن مالكاً نص في الموازية على الحنث بالبعض فيمن حلف قال: والله لآكل [244/أي هذا القرص كله، وللتحنيث بالبعض قال ابن القاسم بالحنث فيمن قال امرأته طالق إن صلى ركعتين أنه إن صلى ركعة واحدة أو أحرم ثم قطع، وكذلك يمينه: لا أصوم غداً فبيت الصيام حتى طلع الفجر، فقد حنث وإن أفطر. وكذلك قال أصبغ في الحالف لا يلبس لامرأته ثوباً فلما أدخل طوقه في عنقه عرفه نزعه، أو حلف لا ركب دابة فلان، فأدخل رجله في الركاب واستقل عن الأرض وهمَّ أن يقعد على السرج ثم ذكر فنزع، فروى ابن وهب أنه حانث، قال: ولو ذكر حين استقل من الأرض ولم يستو عليها فلا شيء عليه لأنه لا يبر إلا بالجميع. قال في الموازية في الحالف ليقرأن القرآن اليوم أو سورة كذا فقرأ ذلك ثم ذكر أنه أٍقط حرفاً: فإن علم أنه يسقط مثل ذلك فلا حنث عليه وله ما نوى، وإن جاء بما لا يعرف من الخطأ الكثير أو ترك سورة فهو حانث، وقال مالك فيمن حلف ليتزوجَنَّ على امرأته امرأة يمسكها سنة، فتزوج امرأة أمسكها أحد عشر شهراً ثم ماتت، فقال: يتزوج غيرها ويبتدئ السنة. وقال سحنون: يجزئه أن يحسبها بقية السنة.

وَالتَّمَادِي عَلَى الْفِعْلِ كَابْتِدَائِهِ فِي الْبرِّ وَالْحِنْثِ بِحَسَبِ الْعُرْفِ، فَيَنْزِعُ الثَّوْبَ، وَيَنْزِلُ عَنِ الدَّابَّةِ، وَلا يَحْنَثُ فِي دَوَامِهَ فِي لا أَدْخُلُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَكَذَلِكَ: إِذَا حِضْتِ أَوْ طَهُرْتِ وَهِيَ عَلَيْهِ ...

قوله: (بحَسَبِ الْعُرْفِ) أي: ينظر إلى العرف؛ فإن كان دوام الفعل كابتدائه في العرف، كاللبس في الثوب والركوب في الدابة، حنث لأن الدوام كالإنشاء في العرف، ومثاله في البر لو قال: لألبسنَّ هذا الثوب أو لأركبن الدابة، فإنه يبرأ بالدوام، ولا يشترط في ذلك الدوام في كل الأوقات بل بحسب العرف فلذلك لا يحنث بالنزول ليلاً، ولا في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015